ما حكم الرجل الذى لا ينفق على أهله
النفقة على الأهل واجبة في الإسلام، وهي من المسؤوليات الأساسية التي يجب على الرجل القيام بها تجاه زوجته وأولاده. الله سبحانه وتعالى قد فرض على الرجل واجب الإنفاق على أسرته وأمره بذلك في عدة مواضع في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
في القرآن الكريم، يقول الله تعالى في سورة البقرة: «وَعَلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُۥ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ» (البقرة: 233).
هذه الآية الكريمة تؤكد على واجب الزوج في توفير الرزق والكسوة لزوجته وأولاده بالمعروف، أي بما يتناسب مع قدرته المادية وظروفه.
وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم، قال فيه: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» (رواه أبو داود، حديث صحيح). هذا الحديث الشريف يوضح بشكل صريح أن عدم الإنفاق على الأهل يُعدُّ من الأعمال المذمومة التي تجلب الإثم على الرجل.
من سياق الفتاوى المقدمة، نجد أن الامتناع عن الإنفاق على الأهل بحجة أنهم لا ينزلون عند رغباته، كما في حالة الزوج الذي لا ينفق على زوجته وأبنائه لأنهم لا يتبعون أوامره، هو تصرف غير مقبول شرعاً. فقد جاء في الفتوى رقم 116452 أن هذا التصرف غير جائز وأن النفقة واجبة على الزوج لزوجته وأبنائه، ولا يجوز له الامتناع عن ذلك.
أما في الفتوى رقم 32672، فقد وضحت بشكل أكبر أن النفقة واجبة على الشخص لأصوله وفروعه وزوجاته، ولا يجوز له أن يمتنع عن ذلك عند القدرة. فحتى إذا كان الرجل ميسور الحال، يجب عليه الإنفاق على أهله وتوفير السكنى والنفقة لهم بالمعروف.
وفي الفتوى الأخرى، تم التوضيح أن الرجل إذا كان يقصر في الإنفاق على زوجته وأولاده ويتبرع بالإفراط في الإنفاق على إخوته، فإنه يكون آثمًا بتقصيره في حق زوجته وأولاده. ويجب عليه الموازنة بين إنفاقه على إخوته وبين إنفاقه على أسرته، وإعطاء كل ذي حق حقه.
إن الإسلام يعتبر النفقة على الأهل من أهم الواجبات التي يجب على الرجل القيام بها، وعدم القيام بهذا الواجب يعتبر تقصيرًا في حق الأهل ويجلب الإثم لصاحبه. وقد ذكرت الأحاديث النبوية الكريمة أن الرجل مأجور على النفقة على أهله، وأنها تعد من أعمال البر والصلة التي يؤجر عليها.
وفي الختام، يجب على الرجل المسلم أن يدرك أن الإنفاق على أهله هو من أهم واجباته الدينية والأخلاقية، وأنه يجب عليه القيام بها على الوجه الأكمل. عدم القيام بذلك يعرضه للإثم والمساءلة أمام الله سبحانه وتعالى. فعليه أن يتقي الله في أهله ويوفر لهم ما يحتاجونه من رزق وكسوة وسكنى بالمعروف، وأن يسعى دائمًا لتحقيق التوازن بين واجباته المختلفة وإعطاء كل ذي حق حقه.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.